اشتكى أولياء أمور من ارتفاع أسعار الكتب المدرسية الخارجية للعام الدراسي المقبل، بينما أكد مسؤول بشعبة الأدوات المكتبية بغرفة القاهرة التجارية، أن "الأسعار ارتفعت بنسبة 40% فقط"، في وقت حمل خبيران تربويان وزارة التربية والتعليم مسؤولية عدم توفير كتاب مدرسي جذاب للتلاميذ يعفيهم من شراء الكتاب الخارجي.
وانتشرت خلال الأيام الماضية بوستات على فيسبوك تشتكي لـدرجة الغليان" من أسعار الكتب الخارجية، مؤكدين أن أسعارها ارتفعت بشكل كبير هذا العام، وأنهم مجبرون على اقتنائها، إذ تراوحت كتب المرحلة الثانوية بين 110 جنيهات للكتاب الواحد إلى 295 جنيهًا.
في وقت قال وكيل شعبة الأدوات المكتبية بغرفة القاهرة التجارية محمد الصفتي، إن "أسعار الكتب الخارجية ارتفعت بنسبة ما بين 30 إلى 40% عن العام السابق، وليس بالنسب المبالغ بها التي يتحدث عنها بعض الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي".
وأضاف في تصريحات تلفزيونية "الكتاب الخارجي سلعة كأي سلعة أخرى تحكمها عوامل التكلفة من أهمها الورق والأحبار وخامات الطباعة، وقطع غيار معدات الطباعة، كل هذه المواد مستوردة وتخضع للتسعير بسعر الصرف".
ولفت إلى أن "الكتب الجديدة تصدر في بداية شهر يوليو (تموز) لكن يتم التجهيز لها اعتبارًا من شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) وهذه الفترة كانت هذا العام ذروة ارتفاع أسعار الورق عالميًا ومحليًا".
في وقت يقول الخبير التربوي مجدي حمزة للمنصة، إن أولياء الأمور يلجأون إلى الكتب الخارجية لأنها الأفضل من حيث الشكل والمضمون مقارنًة بالكتاب المدرسي.
ويتفق مع هذا الرأي الخبير التربوي محمد عبد العزيز، وقال للمنصة إن "الكتاب المدرسي به الكثير من المشكلات خاصة المتعلقة بالمعالجات الفنية للمعلومة والكتاب الخارجي يوفرها له".
وأوضح عبد العزيز أن "مشكلة الطلبة مع الكتاب المدرسي أنه لا يشبع حاجة الطالب في الحصول على المعلومة، وبالتالي يحتاج الطالب دائمًا أن يدعم نفسه بمعلومات إضافية حتى يفهم الجزء الباقي الموجود في الكتاب، وعليه نستطيع أن نقول إن الكتاب المدرسي لا يحقق الغرض المستهدف منه"، لافتًا إلى أن هناك انفصالًا واضحًا بين البيئة التعليمية ووجهة نظر واضعي الكتب.
وأشار إلى أن "الطالب في المرحلة الابتدائية الجديدة مطلوب منه طلبات تحتاج مهارات عليا وأن يكون مدرب عليها كأن يشارك المعلم ويبحث ويفحص وهي الأمور لا يستطيع الطالب القيام بها وفي النهاية هو عايز ينجح، فالكتاب الخارجي يوفر له هذا".
وأكد عبد العزيز أن المشكلة في منظومة التعليم بشكل عام، وهو ما يذهب إليه مجدي حمزة، لافتا إلى أن هناك أزمة واضحة في المنظومة التعليمية أساسها أنه لم يعد هناك دور حقيقي للمدرسة، "الذي يطلب الكتاب الخارجي هو المدرس الخصوصي والطالب يلجأ إلى المدرس الخصوصي لأنه لم يجد تعليما في المدارس خاصة في سنوات الشهادات، وبالتالي حل الأزمة يبدأ من إعادة المدرسة إلى دورها الأصيل في أن تكون المكان الأول لتعليم الطلاب".
وأشار مجدي إلى فارق كبير بين الكتاب المدرسي والكتاب الخارجي، "حتى في الصورة وفي كتب اللغات لا يوجد في الكتاب المدرسي مثلًا كلمات لكنها موجودة في الكتاب الخارجي".
وتقدم عضو مجلس النواب أحمد عبد السلام قورة، سؤالًا برلمانيًا طالب فيه وزير التربية والتعليم والتعليم الفني رضا حجازي بـ "إعطاء أولوية قصوى لملف تطوير المناهج التعليمية، بما يجعل الطلاب ليسوا في حاجة إلى شراء الكتب الخارجية".
وحمل النائب وزارة التعليم المسؤولية عن ظهور ما اسمها "السوق السوداء" للكتب الخارجية، معتبرا أن كتب الوزارة لا يتم يستخدمها الطلاب والجميع يلجأ إلى الكتب الخارجية حتى المعلمين يعتمدون عليها في تدريس المناهج، مقترحا أن "يتم التواصل بين من يؤلفون الكتب الخارجية والوزارة لعقد بروتوكول تعاون بينهما من أجل تطوير المناهج التعليمية والاتفاق على وجود الكتب المدرسية فقط وغلق باب الكتب الخارجية".
ولفت مجدي حمزة إلى أن "مؤلفي الكتاب الخارجي في الغالب هم نفس مؤلفي الكتب المدرسية لكن في النهاية هم يحصلون على مقابل مادي جيد مقابل الكتاب الخارجي لا تقارن بما يحصلون عليه نظير الكتاب المدرسي"، وأكد أن الكتاب المدرسي يصرف عليه مليارات الجنيهات سنويا، ورغم ذلك لا يستفيد الطلبة منه.
وبحسب تقرير صادر عن لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، بشأن الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2023/2024، تمثل نفقات طباعة الكتاب المدرسي أكثر من 72% من النفقات الإجمالية لبند الطباعة وحقوق التأليف بالموازنة.
وأوضحت أن "المخصصات الإجمالية لهذا البند في الموازنة الحالية بلغت نحو 5.5 مليار جنيه مقابل 4.2 مليار جنيه العام المالي المنتهي 2022/2023، بزيادة بلغت قيمتها نحو 1.2 مليار جنيه".
وأشار التقرير أنه تم تخصيص 4 مليارات و18 مليون جنيه لنفقات طباعة الكتاب المدرسي هذا العام، بنسبة 72.5% من إجمالي النفقات المخصصة لبند الطباعة.
وبحسب وزارة التربية والتعليم يدرس في مراحل التعليم ما قبل الجامعي 25 مليون و494 ألف و232 طالبًا وطالبة، وتؤكد الوزارة على لسان الوزير أنها "تضع تطوير المناهج التعليمية بالمراحل المختلفة على رأس أولوياتها".
وهو ما يرفضه الخبيران التربويان إذ يؤكدان في حديثهما للمنصة أن الكتاب الخارجي "تحول إلى ضرورة"، وفق وصف عبد العزيز، بينما قال حمزة أنه "أصبح البديل الآمن للنجاح، ولا سبيل لتصحيح ذلك إلا بجعل الكتاب المدرسي مثل نظيره الخارجي".