لا تزال أزمة نقص الخامات الدوائية بسبب عدم توفّر السيولة الدولارية اللازمة للاستيراد، تلقي بظلالها على الكميات المتوفرة من بعض الأدوية الحيوية بالسوق المحلي، على الرغم من إعلان الحكومة خلال الأشهر الماضية أنها تسعى لحل أي عقبات تواجه نقص الدواء.
نقص بعض الأدوية المُنتجة محليًا والمستوردة دفعَ بعض أعضاء مجلس النواب للتقدم بطلبات إحاطة لوزير الصحة؛ لمناقشة أسباب نقص بعض الأدوية التي تعالج الأمراض المزمنة، وخاصة الغدة الدرقية والأمراض الصدرية والحساسية والسكر والأورام.
وبدأت أزمة صعوبات الاستيراد في مارس/آذار 2022 حين اشترط البنك المركزي المصري الاستيراد بالاعتمادات المستندية، واستثنى من ذلك بعض المنتجات على رأسها الأدوية وخاماتها، قبل أن يجري تحرير سعر صرف الجنيه مرات عدّة خلال الأشهر التالية ليزيد من مصاعب الاستيراد.
مطالبات برلمانية بالحل
رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إيهاب منصور، تقدم بطلب إحاطة لوزير الصحة والسكان خالد عبد الغفار، اﻷسبوع الماضي، بشأن نقص أدوية الأمراض الصدرية والحساسية "فاركولين -بالميكورت- أتروفنت"، وخطة الدولة لتوفير بدائلها. كما تقدم أمين سر لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب هشام حسين، بطلب إحاطة للوزير ذاته حول نقص مستلزمات العمليات الجراحية وأدوية الأمراض المزمنة المستوردة.
وكـذلك قدمت النائبة حنان عمار، اﻷحد الماضي، سؤالًا برلمانيًا موجهًا للوزير عبد الغفار بشأن آليات مواجهة نقص الأنسولين، كما أوضحت أن السوق يواجه نقصًا في نحو 30% من الأدوية؛ نتيجة عدم الإفراج عن شحنات المكونات الدوائية اللازمة للإنتاج في إطار أزمة نقص النقد الأجنبي.
قيمة الخامات الدوائية الموجودة في المواني تقدر بنحو 97 مليون دولار، وفقًا لرئيس غرفة الأدوية باتحاد الصناعات جمال الليثي، فيما تبلغ احتياجات القطاع الشهرية نحو 250 مليون دولار.
الأدوية الناقصة
الليثي سبق أن قال في تصريحات إعلامية، إن أهم الأصناف التي تشهد نقصًا بالسوق أدوية القولون والغدد والمضادات الحيوية، وبعض أدوية السكر.
أزمة نقص الأدوية رصدتها كذلك الشعبة العامة لأصحاب الصيدليات بالاتحاد العام للغرف التجارية، و"تتضمن بعض أنواع الأنسولين وأدوية الغدة والهرمونات، والأدوية المستوردة بشكل كامل"، بحسب السكرتير العام للشعبة حاتم البدوي في حديثه للمنصة.
وأكد المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء محمود فؤاد، أن السوق يواجه نقصًا في الأدوية النفسية والعصبية، مضيفًا للمنصة "في دواء خاص بالغدة أنا مش عارف أجيبه لوالدتي على الرغم من عضويتي في مجلس إدارة شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، نجحت في توفير مثيل له ثلاثة مرات لكنه ناقص بشكل كبير هو وبدائله".
ورصدت المنصة على تويتر تغريدات لبعض المستخدمين يطلبون مساعدتهم في توفير بعض أدوية الغدة، وأبرزها إيثروكس وكربيمازول.
معضلة الأدوية المثيلة
لرئيس شعبة الأدوية بغرفة القاهرة التجارية على عوف، رأي معارض لفؤاد والبدوي، ويرى أنه لا يوجد نقص في المادة الفعالة للأدوية بالسوق المحلي، بحسب ما قال للمنصة.
ويضيف أن النقص في معظم الأدوية بالسوق المحلي يكون في بعض الأسماء التجارية فقط، والتي يوجد لها بدائل بنفس المادة الفعالة. أمّا السكرتير العام لشعبة أصحاب الصيدليات فيقول إن الفيصل في مدى وجود الأدوية الناقصة من عدمه ببدائلها كافة في السوق "انزلوا دوروا في الصيدليات على دواء التروكسين للغدة بكافة بدائله.. لو لقيته أنا محتاجه".
ويستطرد أن توفير دواء بنسب محدودة ليس معناه أنه متوفر، "لما صيدلية تكون بيصرف ليها نحو 40 علبة شهريًا من دواء معين ويجي يتصرف ليها علبة، هل معنى كدا أنت وفرت هذا الدواء؟".
عضوة لجنة الصحة بمجلس النواب النائبة إيرين سعيد، قالت إنه خلال مناقشة اللجنة لموازنة هيئة الدواء تطرق بعض النواب إلى مشكلة نقص الأدوية، وكان رد رئيس الهيئة أن الكثير من الأدوية موجود منها المنتج المحلي المماثل.
وأوضحت سعيد للمنصة أن المشكلة متشعبة ولا ترجع لسبب واحد، "يوجد نقص في بعض الأدوية المستوردة نتيجة أزمة النقد الاجنبي، كما يوجد بدائل محلية لبعض الأمراض لكن الأطباء لا يتوسعون في وصفها أو يتشكك المريض في فعاليتها لاعتماده على المنتج المستورد".
أسباب نقص الأدوية
يعود نقص الأدوية إلى عدم توفر السيولة الدولارية اللازمة لاستيراد الخامات اللازمة للتصنيع، فضلًا عن نقص المخزون الحالي منها، وفقًا لرد شركات الأدوية على الشعبة، بحسب السكرتير العام لشعبة أصحاب الصيدليات بالاتحاد العام للغرف التجارية، حاتم البدوي، ما يضطر الشركات إلى تقليل الطاقات الإنتاجية.
وقال المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء محمود فؤاد، إن آخر طلبية خامات دوائية دخلت السوق المصري كانت في مارس الماضي بقيمة 315 مليون دولار.
ويضيف فؤاد أن مخزون الشركات من تلك الخامات بدأ في الانخفاض منذ بداية الشهر الماضي، ما دفع غرفة صناعة الأدوية إلى مخاطبة الحكومة للإفراج عن الخامات من الموانئ لسد احتياجات الشركات.
لكن المتحدث الرسمى لرئاسة مجلس الوزراء، قال إن قيم البضائع المفرج عنها خلال فبراير/شباط الماضي بلغت 5.8 مليار دولار، بالإضافة إلى بضائع بقيمة ملياري دولار خلال الفترة من 1 إلى 10 مارس من العام نفسه.
ويقول فؤاد إن الحكومة أوصت البنك المركزي المصري في مذكرتين رسميتين بداية يونيو ويوليو من العام الجاري، بسرعة صرف 97 مليون دولار قيمة البضائع في الموانئ، بناءًا على طلب غرفة الأدوية، ولكن لم يتم دخولها حتى الآن.
ويتوقع فؤاد أن يواجه سوق الدواء أزمة في نقص الخامات بدءًا من شهر سبتمبر/أيلول المقبل، وفقًا لنقاشات أجراها المركز مع شركات الأدوية الأجنبية في مصر.
التعامل بالاسم العلمي للدواء والمادة الفعالة وليس الاسم التجاري وأسماء الشركات من ضمن الحلول التي طرحتها عضو لجنة الصحة بمجلس النواب النائبة إيرين سعيد لحل الأزمة. كما طالبت الدولة بالإقرار بنقص الأدوية وإصدار بيان ببدائلها، وهو ما يطالب به المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء.