ضاعفت التعديلات الأخيرة التي أصدرها الرئيس عبد الفتاح السيسي، أول من أمس الجمعة، على قانون أكاديمية الشرطة من الالتزامات المالية المستحقة على الضباط الراغبين في ترك العمل بوزارة الداخلية عقب تخرجهم في كلية الشرطة، فضلًا عن تمثيل الأمن الوطني في مجلس إدارتها؛ ولأول مرة منذ إنشاء الأكاديمية في العام 1975.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة لدى مناقشة تلك التعديلات في مجلس النواب، أنها تأتي في إطار حرص وزارة الداخلية على تطوير تشريعاتها والاهتمام بالتنمية البشرية لكافة الكوادر الشرطية، كشفت مصادر قضائية مطلعة عما وصفته بـ"أسباب مستترة" تقف وارء تلك التعديلات لم تعلنها الوزارة.
وأقر القانون الجديد زيادة المبلغ الذي يسدده طالب الأكاديمية سنويًا مقابل التأمين الصحي والنشاط الثقافي والرياضي والاجتماعي من 200 جنيه إلى 3 آلاف جنيه.
وبعدما كانت قيمة رسم القيد بكلية الدراسات العليا لا تجاوز 20 جنيهًا في السنة، باتت سلطة تحديد ذلك الرسم ممنوحة لمجلس إدارة الأكاديمية بما لا يجاوز ألف جنيه سنويًا. كما نظمت التعديلات لأول مرة مصروفات التسجيل لدرجة الدكتوراة بالنسبة للطلبة الدارسين بالأكاديمية من الوافدين "على غير منحة"، ونصت على أن يؤدي كل طالب منهم مصروفات سنوية يحددها مجلس إدارة الأكاديمية بناء على طلب الكلية بما لا يجاوز 30 ألف دولار أمريكي.
شروط جديدة للقبول
وتضمن القانون الجديد تعديل شروط قبول الطلاب للدراسة بكلية الشرطة، وشدد من الشرط الخاص بالجنسية المصرية لوالدي الطالب؛ بأن حظر ولأول مرة قبول طلاب سبق لوالديهم حمل جنسيات أجنبية أخرى. كذلك شدد من الشرط الخاص بعدم الحكم على الطالب بعقوبة جنائية أو عقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف، واشترط"ألا يكون الطالب أو أحد أقاربه حتى الدرجة الرابعة مدرجًا على قوائم الإرهابيين".
ووسّع القانون الجديد من دائرة عدم قبول الطلاب الذين سبق فصلهم من الخدمة الحكومية بحكم أو بقرار تأديبي، بأن أضاف "المفصولين من الخدمة بشركات قطاع الأعمال العام".
وبعدما كانت الشروط القديمة تسمح للطلاب المطلِقين بالانضمام للكلية بالنص على ألا يكون المتقدم متزوجًا أثناء قيده بالأكاديمية، حظر النص الجديد قبول المتقدمين المتزوجين أو من سبق لهم الزواج.
إلغاء المحاكمات العسكرية
وتلغي التعديلات الجديدة ما جرى العمل عليه داخل كلية الشرطة بشأن تأديب طلابها ومحاكتهم أمام محكمة عسكرية، وأصبحت المحاكمات تجرى أمام مجلس تأديب يشكل سنويًا بقرار من رئيس الأكاديمية.
وباتت التعديلات ولأول مرة تسمح للطالب المحال للمحاكمة أمام مجلس التأديب بأن يوكل محامي للدفاع عنه، بعدما كان الدفاع يتولاه أحد ضباط الأكاديمية يختاره الطالب للدفاع عنه.
أعباء مالية جراء الفصل
وبعدما كان نص المادة 33 من القانون يُنظم الآثار المترتبة على ترك خريجي كلية الشرطة للعمل بوزارة الداخلية عقب تخرجهم، بات يُرتب أيضًا وللمرة الأولى أعباء مالية على من يترك الدراسة بكلية الشرطة من الطلاب سواء بالاستقالة أو الفصل.
وأضحى من يرغب في ترك الدراسة بكلية الشرطة من الطلاب مُلزمًا وبالتضامن مع ولي أمره برد ضعف النفقات التي تحملتها الدولة أثناء مدة دراسته، وذلك حال تركه للدراسة بغير عذر يقبله مجلس إدارة الأكاديمية، أو عند تقديم استقالته أو فصله من الكلية للأسباب الواردة بالقانون عدا الفصل لثبوت عدم صلاحيته خلال فترة الاختبار أو فقده شروط اللياقة الصحية أو الوفاة.
أما خريجي الكلية الراغبين في ترك العمل بهيئة الشرطة عقب تخرجهم، فتم النص على زيادة الأعباء المالية التي يتحملونها جراء تركهم للعمل قبل قضاء 10 سنوات في الخدمة من ضعفي نفقات الدراسة التي أنفقتها عليهم الدولة أثناء مدة دراستهم بالكلية، إلى ثلاثة أضعاف ذلك المبلغ.
وفي الوقت الذي كان يجيز فيه القانون لوزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة إعفاء الضابط من كل هذا المبلغ أو جزء منه إذا كان تركه خدمة هيئة الشرطة للالتحاق بعمل من أعمال الدولة المختلفة، أصبح المجلس الأعلى للشرطة هو المختص بتقرير الإعفاء من سداد هذه المبالغ أو جزء منها للأسباب والمبررات التي يراها وفقًا لاعتبارات ومقتضيات تنظيم العمل بهيئة الشرطة.
وأجازت التعديلات الجديدة ولأول مرة تحصيل المبالغ المشار إليها بطريق الحجز الإداري، والذي يسمح لوزارة الداخلية بالحجز على ممتلكات الطالب أو الخريج أو والده، مع استمرار النص على جواز سدادها على أقساط.
وفيما حددت المذكرة الإيضاحية للقانون الأهداف المرجوة منه في تحقيق اعتبارات الحفاظ على المال العام، نص القانون على أن تؤول المبالغ المستردة وفقًا للنصوص السابقة إلى صندوق تحسين خدمات الرعاية الاجتماعية والصحية لأعضاء هيئة الشرطة وأسرهم بوزارة الداخلية للإنفاق منها على أغراض الصندوق.
منع الالتحاق بالسلك القضائي
من جهة، كشف مصدر قضائي مطلع بمجلس الدولة، أن "أهدافًا أخرى مستترة" تقف وراء تعديل المادة 33 الخاصة بمضاعفة الأعباء المالية 3 مرات على الراغبين في ترك العمل بوزارة الداخلية عقب تخرجهم.
وأوضح المصدر، الذي اشترط عدم نشر اسمه، أن أحد أهم الأهداف هو تقليل التحاق خريجي كلية الشرطة بالجهات والهيئات القضائية المختلفة، من خلال إلزامهم برد 3 أضعاف المبالغ التي أنفقت عليهم أثناء الدراسة، والتي تصل إلى أكثر من 700 ألف جنيه.
وفي كل عام تفتح كافة الجهات والهيئات القضائية وفي مقدمتها مجلس الدولة والنيابة العامة الباب أمام خريجي كلية الشرطة للتعيين بها شأنهم في ذلك شأن خريجي كليات الحقوق والشريعة والقانون.
وأضاف المصدر للمنصة أن وزارة الداخلية تشددت خلال السنوات الخمسة الأخيرة في السماح لخريجيها بالالتحاق بالسلك القضائي، لافتًا إلى أن خريجي العام الماضي ألزمتهم كلية الشرطة بسداد مبلغ 200 ألف جنيه بصفة مبدئية للحصول على صورة من شهادة تخرجهم والتي تشترط الجهات القضائية تسليمها لسحب الملف الخاص بالتقديم فيها، على أن يتم استكمال سداد باقي المبلغ حال قبول تعيين الضابط في الجهة القضائية.
وحول مدى قانونية الشروط، أكد المصدر أن المسألة سبق عرضها على المحكمة الدستورية العليا، إلا أنها لم تفصل فيها وقضت بعدم قبول الدعوى استنادًا إلى أن القرار الذي يصدره وزير الداخلية بشأن كل حالة في هذا الصدد، يعد من قبيل القرارات الإدارية التي تخرج عن إطار رقابة المحكمة المختصة بنظر مدى دستورية النصوص التشريعية، وبالتالي استمر سريان النص واستقر تطبيقه.