انتقدت منظمتا هيومن رايتس ووتش، والعفو الدولية أول قانون مدوّن للأحوال الشخصيّة في السعوديّة، الذي صدر في اليوم العالمي للمرأة من العام الماضي، وقالت إنه "يتضمّن أحكاما تمييزيّة ضدّ المرأة في مسائل الزواج، والطلاق، والقرارات المتعلقة بأطفالهما ويكرس لولاية الرجل".
وأوضحت هيومن رايتس ووتش في بيان، اليوم اﻷربعاء، أن نظام الأحوال الشخصيّة، الذي صدر في 8 مارس/ آذار 2022، ودخل حيّز التنفيذ في 18 يونيو/ حزيران الماضي "يرسّخ ممارسات تمييزيّة ويتضمّن أحكاما تُسهّل العنف الأسري والاعتداء الجنسي في الزواج. يستخدم القانون أيضا صياغة غامضة تمنح القضاة سلطة تقديريّة واسعة عند الفصل في القضايا، ما يزيد احتمال وجود تفسيرات غير متناسقة".
وأوضح تقرير المنظمة أن "نظام الأحوال الشخصيّة يفرض على المرأة الحصول على إذن من وليّ الأمر للزواج، وهو ما يعني أنّ هذه الممارسة القديمة صارت مقنّنة، كما يتعيّن على النساء المتزوّجات طاعة أزواجهنّ بالمعروف، حيث أن النفقة التي يقدمها الزوج تتوقّف تحديدا على طاعة الزوجة، التي قد تفقد حقها في النفقة إذا رفضت ممارسة الجنس معه أو امتنعت عن الانتقال إلى بيت الزوجيّة أو المبيت فيه، أو السفر معه من دون عذر مشروع".
وينصّ القانون أيضا على أنّه "لا يجوز لكلا الزوجين الامتناع عن العلاقات الجنسية أو المعاشرة دون موافقة الزوج الآخر، مما يعني ضمنيّا الحق الزوجيّ في الجماع".
وقالت منظمة العفو الدولية في بيان لها منفصل "في حين أنّ الزوج يستطيع تطليق زوجته من طرف واحد، تستطيع المرأة فقط توجيه طلب إلى المحكمة لفسخ عقد الزواج لأسباب محدّدة، إذا ثبت وقوع ضرر يتعذّر معه بقاء العشرة بالمعروف، في إطار هذه الأسباب، لا يحدّد القانون أشكال الضرر أو الأدلّة التي يُمكن تقديمها لدعم القضيّة، مما يترك للقضاة سلطة تقديريّة واسعة في التأويل والإنفاذ للحفاظ على الوضع الراهن".
واعتبرت المنظمة أن تصنيف الأب على أنه "الوليّ الأصلي للطفل"، يحدّ من قدرة الأمّ على المشاركة الكاملة في القرارات المتعلّقة بالرفاه الاجتماعي والماليّ للطفل.
وطالبت هيومن رايتس ووتش السلطات السعوديّة، بضمان احترام نظام الأحوال الشخصيّة وغيره من قوانين الأسرة السعوديّة لحقوق المرأة في الزواج والطلاق على قدم المساواة مع الرجل، وأن تكون لهما قدرة متساوية على اتخاذ القرارات المتعلّقة بالأطفال.
وتنصّ المادة 157 من نظام الأحوال الشخصيّة على انتهاء الولاية عند بلوغ الشخص سنّ الرشد – 18 عاما قانونا. لكنّ نظام الأحوال الشخصية يدوّن أيضا شرط أن يكون للمرأة وليّ أمر لكي تتزوّج. تفرض المادتان 13 و15 وجود وليّ الأمر لعقد المرأة، بغضّ النظر عن سنّها أو وضعها الاجتماعي السابق.
ولا يحتاج الرجل إلى هذه الموافقة، ويستطيع الزواج عدّة مرّات دون أن يكون ذلك مشروطًا بموافقة الزوجة أو الزوجات الحاليات. يُمكن للرجل في السعودية الزواج من أربعة نساء مرة واحدة، بينما يُمكن للمرأة الزواج من رجل واحد فقط.
وبينت المنظمة أنه "بعد الزواج، تنتقل الولاية من والد المرأة إلى زوجها. بموجب المادة 42، يتعيّن على المرأة 'طاعة' زوجها 'بالمعروف'. تنصّ المادة 42 أيضا على أن تُرضع المرأة أطفالها ما لم يكن هناك مانع".
وبموجب نظام ولاية الرجل، يسيطر الرجل على حياة المرأة السعودية منذ ولادتها حتى وفاتها. يجب أن يكون لكل امرأة سعودية ولي أمر، وعادة ما يكون الأب أو الزوج، ولكن في بعض الحالات يكون أخ أو حتى ابن، لديه السلطة على اتخاذ مجموعة من القرارات الحاسمة نيابة عنها. تعامل الدولة السعودية النساء كقاصرات دائمات من وجهة نظر القانون. لم تفعل السعودية ما يذكر لإنهاء هذا النظام، الذي ما زال أهم عقبة تعترض حقوق المرأة في البلد.
في المقابل كشفت دراسة لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني بالسعودية، عن رضاء 95 بالمئة من نساء المملكة عن وقائعهن في الوقت الحالي، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل 5 سنوات.
ويحتفل العالم في الثامن مارس كل عام باليوم العالمي للمرأة الذي انبثق عن حراك عمالي، ثم أصبح حدثًا سنويًا اعترفت به الأمم المتحدة. ففي عام 1908، خرجت 15 ألف امرأة في مسيرة احتجاجية بشوارع مدينة نيويورك الأمريكية، للمطالبة بتقليل ساعات العمل وتحسين الأجور والحصول على حق التصويت في الانتخابات. وفي العام التالي، أعلن الحزب الاشتراكي الأمريكي أول يوم وطني للمرأة.