أثار إعلان الرئاسة المصرية، الأحد الماضي، إقرار ضريبة موحدة على صافي أرباح الشركات بدلًا من الرسوم المفروضة عليها، الكثير من التساؤلات حول كيفية التطبيق في ظل تعدد هذه الرسوم واختلافها حسب النشاط الاستثماري، في وقت يرى خبراء ضرورة إعادة النظر في قيمتها وتخفيضها لارتفاع معدلها الفعلي المفروض على الشركات مقارنة بالمعدل الموجود في قانون الضرائب على الدخل.
ما هي الرسوم فوق الضريبة؟
لم يشر بيان الرئاسة لطبيعة الرسوم التي سيتم إدراجها ضمن "الضريبة الموحدة" لكن بسؤال نبيل عبد الرؤوف إبراهيم أستاذ المحاسبة والضرائب، تبين أنها تشمل عددًا ضخمًا يساهم في رفع معدل الضريبة الفعلي إلى 37%.
ويشمل معدل الضريبة الفعلي كل الأعباء المفروضة على دخل الشركة، وليس ضريبة الدخل فقط، ويتم حسابه بقسمة أعباء الضرائب على صافي ربح الشركة.
ويوضح عبد الرؤوف لـ المنصة أن الضرائب المفروضة على دخول الشركات بحكم قوانين الضرائب الحالية تقوم بالأساس على ضرائب الدخل على الأشخاص الاعتبارية، بنسبة 22.5% وضريبة توزيعات الأرباح والتي تكون بنسبة 5% إذا كانت الشركة مقيدة في البورصة وإذا كانت غير مقيدة تخضع لـ10%.
أما عن الرسوم المفروضة على الشركات، فيقول عبد الرؤوف إنها تشمل عددًا ضخمًا فمنها تجديد السجل التجارى، وتجديد السجل الصناعى، ورسوم هيئة التنمية الصناعية، ورسوم تجديد رخصة النشاط بالحى – الوحدة المحلية، ورسوم تجديد البطاقة الاستيرادية من الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، ورسوم تجديد الوكالة الأجنبية لتوطين الصناعة كمنتج مصرى تحت إشراف الرخصة الأجنبية، ورسوم تجديد الحماية المدنية وطفايات الحريق بالأمن الصناعي.
كما تتضمن هذه الرسوم أيضًا رسوم تجديد رخص سيارات الشركة النقل والملاكى والأوتوبيسات، وتراخيص مراقبة الجودة بهيئة التوحيد القياسي بوزارة الصناعة، ومقابل الاشتراك ورسوم مكتب العمل، ونصيب الشركة بالتأمينات الاجتماعية، ونصيب الشركة بسداد المساهمة التكافلية، مصروفات الجمعية العامة العادية وغير العادية بهيئة الاستثمار ومصروفات البريد، رسوم دمغة الحسابات البنكية بالبنوك المصرية، رسوم توسعات النشاط ومقايسات تركيب والاشتراك فى الكهرباء والانارة والمياه والغاز، ومصروفات المرور بخدمات الطرق والانفاق، وغيرها.
هل يصعب تطبيقها؟
يرى الخبراء أن الوضع الحالي للضرائب يفرض نموذجًا مربكًا للشركات، وأن توحيد الرسوم غير المباشرة يجعل العبء الضريبي أكثر شفافية وأسهل في التطبيق.
ويقول أحمد الإمام، خبير دراسات الجدوى لـ المنصة، "يتميز النظام الضريبي في مصر بمعدل ضريبة دخل على الشركات يعتبر معتدلًا مقارنة ببعض الدول في الإقليم أو عالميًا، لكن تعدد الرسوم غير المباشرة يجعل معدل الضريبة الفعلي أعلى بكثير من ضريبة الدخل".
لكن من جهة أخرى، تقف أمام هذه الخطوات تحديات عدة، فبسبب تعدد هذه الرسوم وتشعبها، بحسب النشاط الاقتصادي الذي تمارسه الشركة، يرى الخبير الضريبي بدوي إبراهيم أنه من الصعب توحيدها تحت ضريبة واحدة "نسب الرسوم التي يتم تحصيلها تختلف من قطاع لآخر وبالتالي فمن الصعب تطبيق هذه الضريبة" كما يقول لـ المنصة.
ويضيف إبراهيم "هذه الخطوة كان لا بد وأن تسبقها دراسة تجارب مرجعية لتحقيق المنافسة وتحديد جدوى الخطوة من تطبيقها من الأساس".
ويرى أحمد الإمام خبير دراسات الجدوى أن "الضريبة الموحدة" لن تحل أصل مشكلة عدم المساواة في العبء الضريبي بين القطاع الرسمي، والذي سيتحمل ضريبة الدخل وهذه الضريبة الجديدة والقطاع غير الرسمي، الذي يمثل نسبة كبيرة من التعاملات في مصر ولا يخضع لأي من هذه الضرائب.
ضرورة تخفيض الضريبة
يرى عبد الرؤوف أن الرسوم المفروضة حاليًا التي ترفع معدل الضريبة الفعلي إلى 37% من دخل الشركة، تحتاج لإعادة النظر، لكي تتمتع مصر بسعر ضريبة تنافسي على الشركات.
ويتفق معه أحمد الإمام، مشيرًا إلى أن المملكة العربية السعودية باتت منافسًا قويًا لمصر في جذب الاستثمارات الأجنبية مع منحها مميزات ضريبية للشركات التي تنقل مقر عملها الرئيسي للمملكة.
وتراهن وزارة المالية حاليًا على حزمة من الحوافز الضريبية أطلقتها الوزارة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي لرفع الإيرادات الضريبية، وبحسب الوزير أحمد كجوك استطاعت الضرائب تحقيق أعلى معدل نمو للإيرادات خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، بعد تحييد ضريبة قناة السويس التي تضررت من الاضطرابات في المنطقة، لكن طموحات الحكومة تقف أمامها استمرار سيطرة التعاملات غير الرسمية على الاقتصاد والتي تشجع على التهرب الضريبي.