تصوير نورا يونس، المنصة
شاطئ رأس حنكوراب بمحمية وادي الجمال، 29 أبريل 2019

"تهديد واضح للبيئة".. بلاغ للنائب العام بشأن التعدي على "رأس حنكوراب"

دينا السيد
منشور الأحد 23 مارس 2025

تقدَّم المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، السبت، ببلاغ رسمي إلى النائب العام المستشار محمد شوقي عياد، حمل رقم 21625 لسنة 2025 عرائض النائب العام، للتحقيق في التعديات على منطقة خليج حنكوراب بمحمية وادي الجمال.

يأتي البلاغ في ظل تصاعد المخاوف من تأثير هذه التعديات على التوازن البيئي، إذ تشير تقارير حقوقية وإعلامية إلى أن منطقة شاطئ حنكوراب بوادي الجمال تشهد أعمال حفر وإنشاءات بمعدات ثقيلة بهدف إقامة منشآت سياحية "وهو ما يمثل تهديدًا واضحًا للبيئة البحرية والتنوع البيولوجي الفريد الذي يميز المحمية".

وأثارت هذه التطورات قلقًا واسعًا بين نشطاء البيئة والخبراء، حيث تتعارض الأعمال الجارية مع القوانين البيئية المصرية، لا سيما أن محمية وادي الجمال مصنفة كمحمية طبيعية بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 143 لسنة 2003، والمعدل بالقرار رقم 1777 لسنة 2020، والذي يحظر أي أنشطة قد تؤدي إلى تدمير أو إتلاف البيئة الطبيعية، وفق بيان المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

وقال استشاري السياحة البيئية والغوص أيمن طاهر لـ المنصة إن قانون المحميات الطبيعية رقم 102 لسنة 1983 يحظر إقامة المباني أو شق الطرق أو ممارسة أي أنشطة غير منظمة داخل المحميات، مع فرض عقوبات تشمل الغرامة والحبس للمخالفين.

ووفقًا لطاهر، فإن هذه التعديات تهدد حياة بعض الكائنات البحرية النادرة، مثل السلاحف البحرية، وتؤدي إلى تدمير الشعاب المرجانية التي تُعدّ عنصرًا أساسيًا في النظام البيئي البحري، مما يضر بمكانة المحمية وجهة سياحية عالمية ويؤثر سلبًا على قطاع السياحة البيئية في مصر، على حد قوله.

وطالب طاهر الحكومة بنشر خطة الإدارة الخاصة بالمحميات الطبيعية لتعزيز الشفافية وضمان اتخاذ القرارات بناءً على معايير علمية دقيقة تحمي تلك النظم البيئية الفريدة.

وكانت وزيرة البيئة ياسمين فؤاد عقدت حوارًا مجتمعيًا الثلاثاء الماضي لبحث المخاوف المثارة بشأن المشروعات المقترحة في خليج حنكوراب. وأكدت أن هذه المشروعات لا تشمل منتجعات سياحية ضخمة، بل تتضمن "نُزلًا بيئيًا" يتوافق مع المعايير البيئية. 

كما أوضحت أن الوزارة رصدت ثلاث حالات تعدٍّ على خليج حنكوراب بعد رفض بعض المشروعات الاستثمارية، مما دفعها إلى اتخاذ إجراءات قانونية صارمة، نتج عنها صدور حكمين قضائيين، بينما لا يزال الحكم الثالث قيد النظر.

وأشارت الوزيرة إلى أن أحد الصناديق التنموية الحكومية تقدَّم بمقترح لاستغلال المنطقة، ويجري حاليًا دراسة الشكل المناسب لهذا الاستثمار، لضمان الحفاظ على الكائنات البحرية والبرية الحساسة داخل المحمية. كما أكدت أن الوزارة ملتزمة بضمان التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة، وأن أي مشروعات مستقبلية ستخضع لمراجعة بيئية صارمة.

رغم هذه التطمينات، أدان "تحالف إنقاذ حنكوراب"، في بيان الخميس الماضي، التعدي على شاطئ حنكوراب بمحمية وادي الجمال بالبحر الأحمر "من عزل إدارة المحمية عن المورد، والشروع في إقامة منشآت غير مرخصة ولا تستند إلى أي نص إداري أو قانوني، وكذا تحصيل رسوم دون إذن ولا حيثية قانونية"، مؤكدًا رفض عزل أي أجزاء من المحمية، ببناء أسوار أو خلافه "وجعلها حكرًا على فئة معينة من الشعب المصري دون الأخرى". 

وقال الأخصائي البيئي أحمد الدروبي لـ المنصة إن بعض الأنشطة الحالية داخل وادي الجمال تُمارس بشكل غير منظم، مما يؤدي إلى أضرار بيئية جسيمة.

وأضاف الدروبي أن شاطئ حنكوراب يُعدّ من المناطق البكر تمامًا، حيث يقصده الزوار للاستمتاع بالطبيعة الهادئة بعيدًا عن التدخلات البشرية، مشددًا على أهمية إشراك المجتمع المدني في أي قرارات تتعلق بالمحميات الطبيعية لضمان الحفاظ على التنوع البيئي.

وأوضح "نحن بحاجة إلى شفافية كاملة فيما يتعلق بأي خطط استثمارية داخل المحميات، وضرورة إشراك المجتمع المدني لضمان اتخاذ قرارات متوافقة مع المعايير البيئية".

وكانت تقارير صحفية، من بينها مقال على موقع الشروق لمدير الحملات العالمية في شبكة العمل المناخي الدولية/CAN أحمد الدروبي، كشفت عن "تعديات غير قانونية وأعمال حفر لبناء فندق في محمية وادي الجمال وبالتحديد منطقة رأس حنكوراب"، حسب المقال.

وفي إطار التحركات المجتمعية، أطلقت جمعية حماية الطبيعة حملة بعنوان "مناصرة لحماية شاطئ حنكوراب- كنز مصر البيئي في خطر"، لحشد الدعم الشعبي والرسمي لوقف التعديات على المنطقة، كما جمعت عريضة إلكترونية أكثر من 2200 توقيع، مطالبة الحكومة بالتدخل العاجل لحماية المحمية، حسبما قال أحد أعضاء الجمعية لـ المنصة، طلب عدم نشر اسمه.

وأضاف المصدر بالجمعية أن شاطئ حنكوراب يُصنف عالميًا كوجهة رئيسية للسياحة البيئية والغوص، محذرًا من أن تحويله إلى مشروع تجاري خاص قد يمثل تهديدًا خطيرًا، ويفتح الباب أمام مزيد من الانتهاكات البيئية.

في المقابل، أكدت وزارة البيئة، في بيان سابق، أن جميع الأنشطة التي تشهدها المحمية تأتي "ضمن الأنشطة المسموح بممارستها وتتم وفق تلك الضوابط وبما يتفق مع الأغراض التي أعلنت من شأنها المحمية وبما لا يخل بالاستخدامات الطبيعية أو يحد منها أو الإضرار بالموارد والموائل الطبيعية بها".

وكانت تقارير صادرة عن جهاز شؤون البيئة في البحر الأحمر نفت صحة تصريحات وزارة البيئة بأن الأعمال الجارية تأتي ضمن "خطة تطوير معتمدة"، مؤكدة أن المشروع لا يمتلك دراسات تقييم أثر بيئي معتمدة، حسب صحيح مصر.

كما سبق وتقدمت عضوة مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الدكتورة مها عبد الناصر بطلب إحاطة موجه إلى رئيس مجلس الوزراء ووزير السياحة والآثار ووزيرة البيئة بشأن التعديات القائمة على محمية وادي الجمال بمنطقة رأس حنكوراب بمرسى علم، وقالت في طلبها إن تلك التعديات لا تشكل فقط خطرًا بيئيًا جسيمًا، بل تثير أيضًا العديد من التساؤلات حول مدى الالتزام بتطبيق القوانين المنظمة للمحميات الطبيعية.

فيما طالبت عضوة لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب النائبة سميرة الجزار الحكومة بوقف المشروع فورًا ومحاسبة المسؤولين عن التعدي على القوانين البيئية.