تصوير سالم الريس، المنصة
وصول قتلى ومصابين إلى مستشفى شهداء الأقصى جراء قصف طائرات الاحتلال، 8 يناير 2025

مايكروسوفت توسّع شراكتها مع جيش الاحتلال خلال حرب غزة

قسم الأخبار
منشور السبت 25 يناير 2025

كشفت وثائق مسرّبة، ضمن تحقيق مشترك أجرته الجارديان ومجلة +972 ومنصة Local Call، ويستند جزئيًا إلى وثائق حصلت عليها Drop Site News، عن توطيد شركة مايكروسوفت علاقاتها مع جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023.

وأظهرت الوثائق مساهمة الشركة في تقديم خدمات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي والاستشارات التقنية لدعم العمليات العسكرية الإسرائيلية، ما أثار انتقادات دولية ومخاوف بشأن مسؤولية الشركات التكنولوجية في النزاعات المسلحة.

بدأ التعاون منذ 7 أكتوبر 2023، حين شنّ الاحتلال الإسرائيلي عدوانًا واسع النطاق على قطاع غزة. ولتلبية احتياجاته التقنية المتزايدة، اعتمد بشكل كبير على خدمات مايكروسوفت، بما في ذلك تخزين البيانات وتحليلها.

وبيّنت الوثائق أن الشركة أبرمت عقودًا بقيمة 10 ملايين دولار مع جيش الاحتلال، تضمنت توفير الدعم الفني والاستشارات التقنية، كما قدمت خصومات وحوافز إضافية لضمان تعزيز الشراكة مع جيش الاحتلال، متفوقة على منافسين مثل جوجل وأمازون.

واعتمد جيش الاحتلال على منصة Azure السحابية لدعم العديد من وحداته الاستخباراتية، بما في ذلك الوحدة 8200 المتخصصة في التجسس الإلكتروني، والوحدة 9900 المعنية بتحليل الصور والخرائط الجغرافية، والوحدة 81 التي تركز على تطوير تقنيات المراقبة المتقدمة.

كما استخدمت وحدة "أوفك" التابعة لسلاح الجو خدمات Azure لإدارة قاعدة بيانات "بنك الأهداف"، التي تحتوي على معلومات دقيقة حول الأهداف الفلسطينية خلال العمليات العسكرية.

وقدمت مايكروسوفت تقنيات متطورة تشمل أدوات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الضخمة، والترجمة الفورية، وتحويل الصوت إلى نصوص، إضافة إلى أنظمة مخصصة مغلقة/Air-Gapped Systems لضمان السرية في العمليات العسكرية الحساسة.

كما أن نظام Rolling Stone، الذي يدير سجلات السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، يعتمد أيضًا على تقنيات مايكروسوفت، ما يثير مخاوف من استخدامه لتقييد تحركات الفلسطينيين وتعزيز الرقابة العسكرية.

لم يقتصر الدعم الذي قدمته مايكروسوفت على توفير الأدوات التقنية فحسب، بل شمل أيضًا دعمًا ميدانيًا مباشرًا، إذ قام موظفو الشركة ومهندسوها بزيارة مواقع ميدانية لتقديم استشارات تقنية للوحدات العسكرية، بجانب تقديم دعم عن بُعد.

ووفقًا للوثائق، اشترى جيش الاحتلال حوالي 19,000 ساعة استشارية من مايكروسوفت بين أكتوبر 2023 ويونيو/حزيران 2024، بقيمة 10 ملايين دولار، لتعزيز كفاءة العمليات العسكرية والاستخباراتية.

ومع تصاعد العدوان على غزة، شهد استهلاك جيش الاحتلال للتكنولوجيا السحابية والذكاء الاصطناعي من مايكروسوفت ارتفاعًا كبيرًا، فارتفع استهلاك خدمات Azure السحابية بنسبة 60% خلال الأشهر الستة الأولى من الحرب مقارنة بالفترة التي سبقتها، كما قفز استهلاك الذكاء الاصطناعي بمقدار 64 ضعفًا بين سبتمبر/أيلول 2023 ومارس/آذار 2024، حيث استُخدمت أدوات الترجمة وتحليل النصوص بشكل مكثف لأغراض استخباراتية وقتالية.

وكان لشراكة مايكروسوفت مع OpenAI دور كبير في دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية، وفّرت الشركة لجيش الاحتلال الإسرائيلي أدوات مثل GPT-4، التي تم استخدامها في الترجمة وتحليل البيانات الضخمة.

وفي يناير 2024، أزالت OpenAI القيود المفروضة على استخدام منتجاتها للأغراض العسكرية، ما أدى إلى زيادة استهلاك الجيش لهذه الأدوات بشكل كبير، وبحلول منتصف 2024، شكّلت خدمات OpenAI حوالي 25% من استهلاك جيش الاحتلال الإسرائيلي لخدمات الذكاء الاصطناعي المقدمة من مايكروسوفت.

رغم ذلك، نفت OpenAI وجود شراكة مباشرة مع جيش الاحتلال، لكنها امتنعت عن تقديم توضيحات إضافية حول استخدام منتجاتها، مكتفية بالإشارة إلى أن سياساتها تمنع تطوير الأسلحة باستخدام تقنياتها، ومع ذلك، تشير الوثائق إلى أن هذه الأدوات تم توظيفها في العمليات الاستخباراتية وإدارة قواعد البيانات العسكرية.

وتشير الوثائق إلى أن مراكز بيانات مايكروسوفت التي تدعم جيش الاحتلال ليست مقتصرة على إسرائيل، بل تشمل دولًا أوروبية تخضع لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية، في حال تصنيف العدوان الإسرائيلي على غزة كجريمة حرب أو إبادة جماعية، قد تواجه مايكروسوفت تداعيات قانونية بسبب تورط بنيتها التحتية التقنية في دعم العمليات العسكرية.

داخليًا، أثارت هذه الشراكة احتجاجات بين موظفي مايكروسوفت، الذين انتقدوا استخدام منتجاتهم في النزاعات المسلحة، خاصة بعد الكشف عن دعم الشركة لمؤتمرات عسكرية إسرائيلية مثل "I Love Mamram"، التي تحتفي بوحدة مامرام الإسرائيلية المسؤولة عن البنية التحتية الحاسوبية للجيش.

كما تعرضت مايكروسوفت لانتقادات بسبب مطابقة التبرعات التي يقدمها موظفوها لمنظمات تدعم جيش الاحتلال الإسرائيلي، بينما رفضت دعم منظمات إنسانية مثل الأونروا.

وعلى الرغم من خسارة مايكروسوفت لعقد Project Nimbus في 2021 لصالح أمازون وجوجل، إلا أنها استطاعت الحفاظ على علاقات وثيقة مع جيش الاحتلال.

وفي سياق تصاعد التوترات، ازدادت حدة المنافسة بين الشركات التكنولوجية الأمريكية للاستفادة من الإنفاق العسكري الإسرائيلي، حيث سعت جوجل ومايكروسوفت لتقديم حوافز خاصة لجذب وزارة الدفاع الإسرائيلية، ومع ذلك، استطاعت مايكروسوفت تأمين مكانة مميزة عبر توفير حلول تقنية متطورة عززت كفاءة العمليات العسكرية والاستخباراتية.

وقبل أيام حصلت واشنطن بوست على وثائق تشير إلى أن شركة جوجل زودت جيش الاحتلال بإمكانية الوصول إلى أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي التي طورتها الشركة منذ الأسابيع الأولى للعدوان بين إسرائيل وغزة.

وفي أبريل/نيسان الماضي، أخطرت جوجل 28 من موظفيها بفصلهم عن العمل بعد مشاركتهم في احتجاجات نظمها العشرات في مكاتب الشركة بنيويورك وسياتل وسانيفيل بولاية كاليفورنيا، ضد عقد أبرمته الشركة مع إسرائيل في إطار ما يعرف بمشروع نيمبوس.

واعتصم المحتجون لما يقرب من 10 ساعات بمقار الشركة، قبل أن يتم اعتقال تسعة منهم بتهمة التعدي على الممتلكات.

ونيمبوس هو عقد بين الحكومة الإسرائيلية وشركتي جوجل وأمازون يتعلق بالذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية بقيمة 1.2 مليار دولار أمريكي، ينص على إنشاء نظام آمن مماثل لـ"Google Cloud" على الأراضي الإسرائيلية، على نحو يمكِّن الحكومة الإسرائيلية من إجراء تحليل للبيانات على نطاق واسع، والتدريب على الذكاء الاصطناعي، واستضافة قواعد البيانات، وأشكال أخرى من الحوسبة القوية باستخدام تكنولوجيا جوجل، مع القليل من الإشراف من قبل الشركة. 

وسبق أن دشَّن موظفون في جوجل وأمازون حملة باسم لا تكنولوجيا للفصل العنصري/No Tech for Apartheid، للاحتجاج ضد مشروع نيمبوس، واستقال عاملان في جوجل في أبريل الماضي احتجاجًا على المشروع.