تسود حالة من القلق داخل إسرائيل، عقب قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، الخميس، وذلك خشية أن تصدر المحكمة قرارات مماثلة ضد قادة وضباط آخرين بجيش الاحتلال، في وقت أدرجت مجموعة السبع أمر الاعتقال على جدول أعمال اجتماعها الوزاري المقرر عقده في 25 و26 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وكانت الجنائية الدولية قالت، في بيانها الخميس الماضي، إن "هناك أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وجالانت حرما، عمدًا وعن علم، السكان المدنيين في غزة من الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك الغذاء والماء والدواء والإمدادات الطبية، فضلًا عن الوقود والكهرباء".
ووفق جريدة الشرق الأوسط فإنه في ظلّ معلومات عن اتجاه دول أجنبية إلى تقليص اتصالاتها مع الحكومة الإسرائيلية غداة صدور مذكرة توقيف دولية بحق نتنياهو، وأخرى بحق جالانت، على خلفية جرائم حرب في غزة، يسود قلقٌ في إسرائيلَ من إمكان أن تشمل الملاحقات أيضاً قادة جيشها.
الأمر نفسه أكده موقع مونت كارلو الدولية، الذي قال إن "إسرائيل الرسمية وغير الرسمية، تجد صعوبة في الاستيقاظ من الصدمة، التي خلفتها مذكرتا الاعتقال اللتان أصدرتهما محكمة الجنايات الدولية، ضد نتنياهو وجالانت، والقلق بأن هذا قد يكون فاتحة لإصدار عشرات أوامر الاعتقال الأخرى ضد قادة الجيش وجنوده".
وأضاف "رغم وقوف المعارضة إلى جانب نتنياهو في هذا الموضوع، فإن الانتقادات في الإعلام، بدأت تظهر الفشل الدبلوماسي والقضائي الإسرائيلي في معالجة الملف، ففتح تحقيقات داخلية في شبهات جرائم حرب كان قد يمنع الخطوة".
في غضون ذلك، أعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، أمس، أن وزراء خارجية مجموعة السبع سيناقشون خلال اجتماعهم الاثنين والثلاثاء المقبلين، مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، مشيرة إلى أن "الرئاسة الإيطالية لمجموعة السبع تعتزم إدراج هذا الموضوع على جدول أعمال الاجتماع الوزاري المقبل الذي سيعقد في فيوجي"، حسب اندبندنت عربي.
وأضافت ميلوني "في الأيام المقبلة سأتعمق أكثر في الأسباب التي أدت إلى قرار المحكمة الجنائية الدولية، وهي أسباب ينبغي أن تكون دائمًا موضوعية وغير سياسية".
من جانبها، أكدت ألمانيا أن قرار المحكمة "لن يؤثر على تصديرها السلاح لإسرائيل". وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبشترايت، أمس، إنه سيُجرى فحص "الخطوات المحلية" الناتجة عن مذكرتي الاعتقال بعناية، مضيفًا أن غير ذلك من الأمور لن يتم النظر إليه إلا عندما يكون من المتوقع أن تكون هناك إقامة لنتنياهو ووزير الدفاع السابق في ألمانيا، حسب دويتش فيله.
وأضاف هيبشترايت أن موقف الحكومة الألمانية بشأن تسليم الأسلحة إلى إسرائيل "لم يتغير"، مؤكدًا أن "تسليم الأسلحة إلى تل أبيب يخضع دائمًا لتقييم كل حالة على حدة، ويظل هذا الوضع قائمًا الآن". وتابع "موقفنا تجاه إسرائيل لم يتغير".
وأعلنت إيرلندا وسلوفينييا وسويسرا استعدادها لاعتقال نتنياهو حال زيارته لها تنفيذًا لأوامر المحكمة، كما ألغت هولندا زيارة وزير خارجيتها كاسبر فيلدكامب إلى إسرائيل، ونقلت وكالة رويترز عن فيلدكامب قوله إن "بلاده مستعدة لتنفيذ قرار المحكمة".
وأكدت كندا وبريطانيا وفرنسا احترامها ودعمها لاستقلال المحكمة الجنائية الدولية، فيما هاجمت الولايات المتحدة، التي لا تعترف بالجنائية الدولية هي وإسرائيل، القرار ووصفه الرئيس جو بايدن بـ"المشين"، حسب الجزيرة.
في المقابل، عارضت المجر القرار، وأعلن رئيس الوزراء فيكتور أوربان، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، أنه سيدعو نتنياهو لزيارة بلاده، قائلًا في مقابلة مع الإذاعة الرسمية "لا خيار أمامنا سوى تحدي هذا القرار. سأدعو في وقت لاحق اليوم نتنياهو للمجيء إلى المجر حيث يمكنني أن أضمن له أن قرار المحكمة الجنائية الدولية لن يكون له أي تأثير".
كما عارضت الأرجنتين قرار المحكمة، وقال الرئيس خافيير ميلي، في بيان نشره على إكس، إن "قرار المحكمة الجنائية الدولية الأخير يتجاهل حق إسرائيل المشروع في الدفاع عن نفسها في مواجهة هجمات مستمرة تشنها منظمات إرهابية مثل حماس وحزب الله".
وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، خلال مؤتمر صحافي، الخميس، إن جميع الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، ومنها دول أعضاء في الاتحاد، كلها ملزَمة بتنفيذ قرارات المحكمة. وأضاف "هذا ليس قرارًا سياسيًا، بل قرار محكمة. وقرار المحكمة يجب أن يُحترم ويُنفّذ"، وفق الشرق الأوسط.
يأتي ذلك في وقت يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة مخلفًا 44 ألفًا و56 قتيلًا وأكثر من 104 آلاف مصابًا وفق آخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة الخميس.