تستهدف الحكومة تأهيل أرض شركة الحديد والصلب بحلوان لإنشاء مجمعات صناعية صغيرة خلال الفترة المقبلة، بعد أحاديث عدة عن تحويلها إلى مشروع عقاري، حسب مصدر في مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية، المالكة للشركة.
وأوضح المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل كامل الوزير كان يدفع بقوة خلال الفترة الماضية نحو إقامة مجمع صناعي؛ لأنه يتسق مع مخططات الدولة في الوقت الحالي نحو تعميق التصنيع المحلي وخفض فاتورة الاستيراد.
وقال مدير غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات محمد حنفي، لـ المنصة، إن الأمر لا يزال تحت الدراسة ولا يوجد قرار نهائي بشأنه، لكن التوجه الذي يقوده وزير الصناعة والنقل أن تتولى هيئة التنمية الصناعية تجهيز الأرض.
وفي 2021، اتخذت الجمعية العمومية لشركة الحديد والصلب قرارًا بتصفية الشركة، وذلك تحت قيادة وزير قطاع الأعمال العام آنذاك هشام توفيق، الذي برر هذه الخطوة بارتفاع مديونيات الشركة وتقادم معداتها، وعدم وجود فرص متاحة لتطويرها.
وأثيرت انتقادات واسعة لتصفية الشركة التي كانت تعد واحدة من أيقونات تعميق الصناعات الثقيلة منذ خمسينيات القرن الماضي، وساهمت في تشغيل أكثر من 7000 عامل.
وفيما تم طرح الأرض كأحد الحلول المتاحة لسداد المديونيات المتراكمة على الشركة، وافقت الجمعية العامة للشركة في نهاية 2021 على تغيير نشاط أراض تابعة للشركة من الصناعي إلى السكني بهدف رفع عائد بيعها واستخدام هذه السيولة في سداد الديون.
وتم التأكيد على هذا التوجه في ديسمبر/كانون الأول الماضي، عندما أعلنت وزارة قطاع الأعمال العام، أن الوزارة لديها مخطط عام لاستغلال أراضي شركة الحديد والصلب، في إقامة مشروع عمراني متكامل على مساحة تقرب من ألفي فدان.
وقبل هذا الإعلان، في أكتوبر/تشرين الأول 2023، أنهت الشركة إجراءات تحويل جزء من محفظة أراضيها، بمساحة 120 فدانًا، من النشاط الصناعي إلى السكني والسياحي والخدمي، وأقرت الجمعية العمومية للشركة المشاركة مع "الإسكندرية للاستشارات والتنمية العمرانية" إحدى الشركات المشتركة المملوكة لوزارة قطاع الأعمال العام، لتطوير هذا الجزء من أراضيها.
هل يمكن تأسيس كومباوند فوق أرض الحديد والصلب؟
وتعكس العديد من المشروعات العامة مؤخرًا اتجاهًا قويًا نحو توسع الدولة في التطوير العقاري، مع الميل لتلبية الطلب على الإسكان الفاخر، مثل تحويل نشاط صندوق التنمية الحضرية من تطوير العشوائيات إلى بناء وحدات يتجاوز سعر الواحدة منها 5 ملايين جنيه.
لكن تحويل كل محفظة أراضي الحديد والصلب نحو هذه الوجهة قد تقف أمامه بعض العوائق الفنية، بجانب خسارة المكانة التاريخية للشركة كمركز كبير للصناعة، كما يقول المصدر بالقابضة المعدنية "اتخاذ قرار تحويل نشاط أرض شركة الحديد والصلب منذ بداية التصفية من صناعي لعقاري كان غير منطقي".
ويؤيد الرأي السابق أحد المهندسين العاملين سابقًا في الشركة، موضحًا "هناك صعوبة كبيرة في إقامة مشروعات عقارية على أراضي شركة الحديد والصلب نظرًا للبنية التحتية للمصانع التي لا تزال موجودة في الأرض".
ويضيف المهندس السابق بالشركة لـ المنصة، طالبًا عدم نشر اسمه، "لا تزال توجد شبكات كهربائية وميكانيكا تحت الأرض بعمق 10 أمتار، وإزالتها تستغرق مدة لا تقل عن 10 سنوات، وتتطلب تكلفة مرتفعة جدًا حتى يتم تجهيز الأراضي وتسويتها للبناء".
وحسب إفصاح لشركة الحديد والصلب للبورصة، العام الماضي، فإن الشركة لا تزال تفتقر إلى العديد من الموافقات اللازمة من أجل التحول للنشاط السكني.
وتشمل هذه الإجراءات حصولها على الموافقات البيئية لتغيير النشاط ثم اعتماد المخطط التفصيلي من الجهات المختصة، ثم الحصول على شهادة صلاحية إلى آخر الإجراءات الخاصة بتطوير الأرض، وهو ما يشير إلى أنه رغم التصريحات المتوالية عن التحول للنشاط السكني لم يتم اتخاذ إجراءات قاطعة نحو هذا التوجه حتى الوقت الراهن.
وتكررت انتقادات الحكومة المصرية ورئيس الجمهورية مؤخرًا لاعتماد البلاد على استيراد منتجات يمكن تصنيعها محليًا ما يمثل إهدارًا للنقد الأجنبي، بعد أزمة شح الدولار التي استمرت خلال العامين الأخيرين ولم تفك قبضتها عن الاقتصاد قبل مارس/آذار الماضي عندما أبرمت الحكومة صفقة ضخمة مع الإمارات لتطوير مدينة رأس الحكمة.
وكانت الشركة القابضة للصناعات المعدنية، التي تمتلك نحو 83% من أسهم الحديد والصلب، حددت عامين للانتهاء من أعمال التصفية والتي بدأت في مايو/آيار 2021، لكن تم مد مدة التصفية، نظرًا لكثرة الأصول المملوكة للشركة والإجراءات المطلوبة للتصرف فيها، وهو ما تعمل عليه لجنة التصفية الآن.
وستنظر الجمعية العمومية غير العادية لشركة الحديد والصلب خلال اجتماعها القادم في 28 أكتوبر الجاري، في مد مدة التصفية والتي مقرر أن تنتهي في ديسمبر المقبل.